هذه الغربان لا تكفها الوليمة، ولا تعبأ بوفرة الطعام بل بالسيادة والهيمنة على المكان كله... تأتي لتطرد عصافيري الرقيقة أينما رأتها، ناشرة الرعب بينها مع أن الطعام يكفي للجميع ويزيد
وحين تمل الغربان وتطير، ربما لتنشر رعبا جديدا في مكان بعيد، تعود العصافير إلى وليمتها في هدوء وحماس كأن شيئاً لم يقطع السكون أو يعكر صفو حياتها... تعود لتلتقط حبات الأرز والذرة بحماس وسعادة
هل تحاول تلك الطيور أن تعلمني معنى جديد في الحياة؟ هل هو درس خفي من دروس الكون الفسيح؟
الهموم والمحن تهبط دائما من حيث لا ندري، تماما مثل تلك الغربان اللئيمة، تنشر الفزع في حياتنا وتعكر صفوها... ولكن الكيِّس من يترك المحن تمر دون أن تمسه بسوء، بل يستفيد من تلك الأوقات العصيبة ليبتلع فُتات حياته ويلملم شتاته ويكمل هضم ما تعلم من دروس... مثل تلك العصافير الجميلة، تتجمع فوق الشجرة... تتكلم وتتحاور بلغتها البريئة ربما تواسي وتثبت بعضها البعض أو تنتظر لتبتلع فُتات الخبز الذي جمعته في جوفها وترتب أعشاشها حتى تزول هذه الغربان السوداء... فعصافيري تعلم أن الخير وفير ولن ينضب وأن رزقها مكفول عند خالقها وأن العَجَلة قد تودي بحياتها... الصبر على المحن أحيانا ما يكون أكيس و أحكم... الصبر مع الرضا، مع العمل والتعلم من تلك الأوقات الثمينة، ومع الثقة والإيمان بأن ما عند الله باق وهم لا يُظلمون
شكرا أيتها العصافير الحكيمة!!!